بسم الله الرحمان الرحيم الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ، كثيرا ما تصيبني الدهشة وانا أطالع أخبار وأفكار المسلمين في هذا العصر .. كثيرا ما يتوقف عقلي عن استيعاب ما يحدث من حولي وما يدور من صراع بين المسلمين على مختلف الأصعدة .. لم يتوقف الصراع عند الحدود السياسية والجغرافية لكل بلد ، بل تعداها إلى صراع فكري عقائدي يجنح في غالب الاحيان إلى التكفير والإخراج من دائرة الإسلام .. فأين الخلل .. والطامة الكبرى أن يكون متزعموا الصراع علماء ومفكرين لهم وزنهم في الأمة ، متجاوزين على مبدأ الإختلاف الذي جعله الله سنة وناموسا من نواميس الكون .. نحن اليوم نحكم على ماضي الأمة بعقلية الحكيم فنقول : إن الصدامات الدموية التي نشبت في بعض الأحيان بين اتباع المذاهب الفقهية الأربعة ( المالكية والشافعية والحنابلة والحنفية ) كانت على غير هدى ، وتزعمها الجهلاء .. ثم نتغنى بمقولة " الإختلاف الفقهي رحمة " ، وها نحن نقع في نفس ما وقع فيه أولئك الذين وصفناهم بالجهل قبل قليل .. اليوم لا يكاد يخلوا حديث أو مقال عن التشهير والتصغير والتحقير بل والتكفير بين مختلف روافد الفكر الإسلامي المتعدد و المختلف .. لست هنا بصدد الحديث عن الخلاف الطائفي والصراع السني الشيعي ، بل عن المذاهب التي تستظل براية أهل السنة والجماعة .. ما يستفزني كثيرا لدى قراءة ومطالعة مختلف الإيديولوجيات التي تتناحر فيما بينها ، أن لسان حال كل منها يقول رأيي صواب لا يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ لا يحتمل الصواب ، ثم يضيع في هذه المتاهة شباب الإسلام وشاباته ليجدوا أنفسهم في دوامة التعصب للرأي وفي خندق الدفاع عنه في وجه كل مخالف . السؤال الذي أطرحه دائما في هذا الصدد اين الإسلام من هذا التنافر بين أبناءه ؟ أين هو من تكفير المسلم للمسلم بدون وجه حق ؟ حقا إنه زمن يصير فيه الحليم حيران !! الإسلام دين الله موجه للعالم وليس لبقعة وللناس كافة وليس لمجموعة .. لا يحق لأي كان فردا أو مجموعة أن يحتكره أو يدعي سلامة فهمه وخطأ فهم غيره ، دعونا من الصراعات التافهة التي تشغلنا عن أوضاع الأمة المزرية وعن تحدياتها الجسيمة .. دعونا من التنابز حول الفتاوى ولنهتم بمصير الأمة المنهارة والمثقلة بالنزاعات . نحن اليوم أضعف أمم الأرض والأعداء يحيطون بنا من كل جانب ، فهل يستوي أن نكون في هذا الوضع ثم ننشغل بتضليل وتبديع بعضنا ؟