شهر رمضان في المنتصف


بسم الله الكريم المنان ، المنعم المتفضل ، الرحمان .. والصلاة و السلام على النبي العدنان سيدنا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين و بعد :
انتصف الشهر الفضيل و أزف انتهاؤه وقد يكون آخر رمضان في عمر الكثير من المسلمين .. انتصف رمضان وهو يطوي عشر الرحمات وتنتصف معه عشر المغفرة .. ليتبقى للمجتهدين عشر العتق و عشر الخيرات .. ليتبقى لهم الليلة الخيرية " ليلة القدر خير من ألف شهر" وكل ذلك لمن شمر على ساعد الجد ، وأرى ربه من نفسه الإقبال و الإجتهاد و الود .. فصاحب القرآن ورتع في نبع البيان ، وغمرته لطائف المنان .. يفرح هذا وكل من كان على شاكلته بكرم الرب العلي الذي قال "ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا" .. فنعم الأجر أجر الكريم ونعم العطاء عطاء الله العليم ..
في هذا الشهر يتمايز الناس ويبرز منهم المجتهد من الكسول و المقبل من المعرض وأهل الخير من غير ذلك .. في الشهر الذي تصفد فيه الشياطين تبقى للنفوس الكلمة الفصل و تصير هي المحرك الأول ، فمن كان له مع نفسه جولة من التهذيب و التربية و التخليق بخلق القرآن و سلف الأمة الصالح .. كانت همته إلى الله أعظم و إفادته من مدرسة رمضان أكبر من غيره و أشمل .. أما من كان عن تهذيبها منشغل متكاسل و مسوف ، كان همه أكله وشرابه .. شغله و أبناءه .. ساه عن داعي الرحمان .. لاه عن طلب روضات الجنان . فشتان بين النفسين و إن كنا في الخـلقة سيان .. فمن أي النوعين نفسك، وبأي الحالين ترضى ؟
رمضان إخوتي موسم عظيم للتزود وقد سمعت من بعض الصحابة أنهم كانو يستعدون لرمضان ستة أشهر قبل حلوله ، فإذا قضى و انتهى عاشو ستة أشهر على آثاره وبركته .. فهل حسن استعدادك لقدومه ؟ وهل تحرص على الاستفادة و الاستزادة من الخير في أثناءه ؟ رمضان سيد الشهور لا يكن في قلبك كغيره .. و مرتع أهل التعبد و التقرب و التزلف لله رب العالمين ، فيه ليلة خير من كل عمرك .. وفيه أنوار و لطائف ونفحات ربانية إذا صفى قلبك ورق حالك أدهشت عقلك وفؤادك ..
فهل اشتاقت نفسك لعالم الملكوت وترفعت عن الشهوات التي تحجب القلب عن رب السماوات ؟ إذن فإليك بعضا من أعمال البر تكون سببا في حصول الرحمة و المغفرة و العتق برحمة الله و فضله : حج كل يوم واعتمر ، لا تستطيع ؟ إذن عليك بالتالي يكن لك من الأجر مثل ذلك : إجلس بعد صلاة الفجر إلى شروق الشمس لذكر الله ثم صلي ركعتين ( بعد ارتفاع الشمس قيد رمح ، تقريبا 20 دقيقة بعد الشروق ) ألم تسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم : "من صلى الفجر في جماعة، ثم قعد يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة" ، ثم استمر على حال الذكر في سائر يومك و في كل شأنك ( خروج من البيت .. دخول المسجد .. ركوب السيارة .. ) حتى تكون ذاكرا لله في جميع أحوالك ، واعلم ان ذكر الله من أعظم أسباب ترقيق و ترقية القلوب و تهذيب النفس .. واجعل لك سهما في عمل يحبه الله ومن أعظمها إدخال السرور على المسلمين بما استطعت و تذكر أن ابتسامتك في و جه أخيك صدقة .. ثم لا تنسى زيارة رحمك التي شق الله اسمها من اسمه حيث تطيل العمر و توسع الرزق كما جاء عن النبي صلى الله عليه و سلم ، ولا تنسى مجالس العلم و الذكر فإنها مباركة طيبة " هم القوم لا يشقى بهم جليسهم" وفيها نفحات ربانية لا تحصلها في غيرها ، ثم تعاهد نفسك بإصلاح عيوبها ما استطعت ، حيث أن رمضان أكبر مناسبة للإقلاع عن السلبيات و المنكرات .. وتعاهد كتاب الله بالتلاوة بالليل والنهار فإنه النور التام ، والسراج المنير وكلام رب العالمين .. في الختام نسأل الله دوام التوفيق وكمال التوفيق لما فيه رضاه و العافية مما يغضبه ويبعد عنه والسلام


اناشيد © 2008 | تصميم وتطوير حسن